المنهج التاريخي أو المنهج الوثائقي هو أقدم مناهج البحث العلمي، نظرا لاستخدام الوثائق والسجلات والمصادر التاريخية التي تحتوي على معلومات وبيانات وأفكار وأحداث ماضية، ويعتمد المنهج التاريخي على وصف وتسجيل الوقائع وأنشطة الماضي، ولكن لا يقف عند حد الوصف والتسجيل ولكن يتعداه إلى دراسة وتحليل للوثائق والأحداث المختلفة وإيجاد التفسيرات الملائمة والمنطقية لها على أسس علمية دقيقة بغرض الوصول إلى نتائج تمثل حقائق منطقية وتعميمات تساعد في فهم ذلك الماضي والاستناد على ذلك الفهم في بناء حقائق للحاضر وكذلك الوصول إلى القواعد للتنبؤ بالمستقبل. فالمنهج التاريخي له وظائف رئيسية تتمثل في التفسير والتنبؤ وهو أمر مهم للمنهج العلمي (أبو النصر، 2017، 144).
وبهذا يمكن القول بأن المنهج التاريخي هو منهج بحث علمي يقوم بالبحث والكشف في الحقائق التاريخية من خلال التحليل وتركيب الأحداث والوقائع الماضية المسجلة في الوثائق والأدلة التاريخية بعد
التدقيق في صحة معلوماتها واعطاء تفسيرات وتنبؤات علمية في صورة قوانين عامة ثابتة نسبيا. (عمار، 2012، ص123).
والمنهج التاريخي عند أبو علام هو
"دراسة مشكلة في الماضي تتطلب جمع
بيانات تاريخية، تكون أساساً للبيانات التي يتم تحليلها،
والمصادر الأولية مهمة للغاية في مثل هذا النوع من الدراسات وذلك حتى يكون البحث صادقاً وثابتاً
والنقد الخارجي هو العملية التي تحدد درجة الوثوق في المصادر ويجب أن يعطي الباحث أدلة على كيف ومتى وأين ولماذا صدرت الوثيقة التي يرجع إليها
ويجب أن يتأكد الباحث من أن الوثيقة أو المصدر الذي يرجع إليه ليس مزورا أو غير أصلي،
وهناك أيضا ما يعرف بالنقد الداخلي وهو
محاولة تحديد معنى المعلومات التي يحصل عليها الباحث. ولذلك فإن معالجة البيانات في البحوث التاريخية عبارة عن تفسير البيانات التي يحصل عليها الباحث"
(أبو علام، 2007، ص314).
ويعرف
المنهج التاريخي بأنه" مجموعة من الأساليب والخطوات التي يتبعها الباحث
التاريخي للوصول إلى الحقيقة التاريخية، وإعادة بناء الماضي بكل وقائعهوأحداثهفي
حدود الزمان والمكان الذي وقعت فيهتلك الأحداث"(النعيمي وآخرون، ٢٠٠٩، ٢٦٥).
ويجب أن يكون التفسير قائما على فهم متعمق للبيانات، وتحديد واضح للعلاقات
المتضمنة فيها مما يؤدي إلى الوصول إلى خلاصات وتفسيرات خالية من تحيز الباحث ويستخدم البحث التاريخي خطة شبيهة بالطريقة العلمية مكونة من ست خطوات هي:
١- التعرف على المشكلة وعزلها.
٢- تكوين عدد من الأسئلة حول المشكلة.
٣- جمع البيانات من مصادرها وتصنيفها، مع تحديد الحقائق عن طريق النقد الخارجي والداخلي.
٤- تنظيم الحقائق في نتائج.
٥- تكوين الخلاصات.
٦- كتابة تقرير يقدم البحث في شكل منظم.
انتهاج المنهج التاريخي في البحوث الاجتماعية يعني استنباط المبادئ والقوانين العامة عن طريق البحث في الشواهد التاريخية. أي اخضاع احداث التاريخ للدراسة والتحليل النوعي، وذلك بتحليل الحقائق التاريخية المتعلقة بالمشكلات الإنسانية والقوى الاجتماعية التي شكلت الحاضر (بدوي، ١٩٤٤، ص ١٨٣).
وفيما يتعلق بإدراك ومعرفة الباحث للوقائع والأحداث
والممارسات وفق المنهج التاريخي، يشير كل من قنديلجي والسامرائي (2009، ص209)، إلى
انه يمكن إدراكها ومعرفتها بطريقتين أساسيتين هما:
-
الطريقة
المباشرة: وذلك عن طريق ملاحظتها ودراستها ميدانيا، وهي تحدث
أمام الباحث، أو تفسر وتروى له، ثم يتحقق منها.
-
الطريقة
غير المباشرة: والتي تكون من خلال السجلات والوثائق
والشواهد التي تركتها تلك الوقائع والممارسات.
أهمية المنهج التاريخي:
إن
تاريخ الإنسانية سلسة متصلة الحلقات، يتصل ماضيها بحاضرها بمستقبلها، وإن ملاحظة
الماضي تعين على فهم الحاضر. وتكمن أهمية المنهج التاريخي فيما يلي (سالم، ٢٠١٢، ص
١٣١):
1.
يعتبر
المنهج التاريخي ضروري لفهم الماضي وربطة بالحاضر بهدف التخطيط للمستقبل.
2.
يسهم
المنهج التاريخي في التوصل إلى أصول النظريات والمبادئ العلمية وتوضيح ظروف نشأتها
وإيجاد الصلات بينها.
3.
يوضح
المنهج التاريخي العوائق التي حالت دون إيجاد الحلول لكثير من المشكلات الحالية
مما يسهم في فهمها والتغلب عليها.
4.
يعتمد
المنهج التاريخي على النقد والتمحيص والتحليل مما يزيد من قيمة الوثائق التي يتم
الرجوع إليها عند إجراء البحث التاريخي.
خصائص المنهج التاريخي:
وللمنهج التاريخي خصائصه التي تميزه عن بقية مناهج
البحث العلمي ومن اهم هذه الخصائص
تعليقات
إرسال تعليق