بقلم: حمد محمد المشيخي

رؤية نقدية عامة للورقة:

يمثل النقد مسألة بالغة الصعوبة خصوصا عندما يتعلق الأمر بنقد ورقة علمية قدمها البروفيسور، شريف عوض لما يتمتع به من قدرات علمية وبحثية واسعة وخلفية نظرية تمكنه من إجادة البحوث النظرية والتطبيقية وتنقيحها وفحصها.

وقبل الشروع في نقد هذه الورقة فسوف أقوم بتقديم رؤية عامة عن مجمل محتوى الورقة كما يلي:

1.    الكاتب تناول موضوع حديث ويمثل الواقع ويحاول من خلاله لفت الأنظار أن الجائحة قد أفرزت مفاهيم ومآسي اجتماعية على جميع الأصعدة، كما أفرزت إضافة علمية جديدة إلى مكتبة علم الاجتماع، مع إصرار الكاتب على أن هذا المجال الوليد بحاجة إلى أطر نظرية ومنهجيات مختلفة عن بقية نظريات علم الاجتماع.

2.    أثبت الكاتب من خلال هذه الورقة أن الجوائح والأوبئة الجديدة تعد بمثابة تحدي كبير لعلماء الاجتماع، وهذا عكس ما يراه البعض أن الأوبئة الجديدة ومنها فيروس كورونا المستجد من اختصاص علماء الأحياء والفيروسات والأطباء".

3.    قدمت الورقة نظرة استشرافية لما بعد جائحة كورونا، عبر أربعة سيناريوهات، في محاولة لتصور الوضع الذي سوف يكون عليه المجتمع والتغيرات المتوقعة في العلاقات الاجتماعية بعد انتهاء جائحة كورونا.

4.    تمتاز الورقة بعباراتها الواضحة وصياغتها السهلة وقدرتها على إيصال الفكرة بدون تشويش.

5.    تناولت الورقة جوانب مهمة وفق نظرة فاحصة ومتأنية وعميقة بما يكسبها فائدة علمية.

6.    قلة الأخطاء الإملائية واللغوية

7.    تجنب الإسهاب الممل أو الاقتضاب المخل.

نقد محتوى الورقة البحثية:

يُعد العنوان من الجوانب المهمة لأي بحث وقد استطاع الكاتب أن يجعل من عنوانه مختصراً ومعبرًا عن مضمون البحث الذي يتعلق بعلم اجتماع الجائحة، كما أن كلماته قليلة وشاملة، وقد وظف الكاتب العنوان للدلالة على مضمون البحث بصورة مناسبة.

قدم الباحث ملخصا متميزاً لورقته البحثية من حيث توضيح موضوع البحث وبكلمات قليلة وواضحة ودقيقة، وتبرز الجانب الذي ركزت عليه الورقة، كما حوى على الكلمات المفتاحية المناسبة.

الباحث دخل مباشرة بعد الملخص في صلب الموضوع دون أن يستهل بمقدمة للبحث من جانب آخر فإن الباحث وعلى الرغم من عدم ذكره للمنهجية البحثية إلا أنه اتبع منهجية مناسبة تتوافق مع طبيعة البحوث النظرية لأنها لا تستند إلى حقائق ولا إحصائيات أو دراسات سابقة.

قسم الباحث الورقة البحثية إلى سته محاور حتى يلم بالمشكلة من جميع جوانبها.

يرى الباحث أن علم اجتماع الجائحة بحاجة إلى أطر نظرية ومنهجيات مختلفة عن بقية نظريات علم الاجتماع، تسهم في دراسة وتفسير الجائحة، وفهم وتفسير الأسباب التي أدت إليها، والتعرف على الآثار التي تركتها في المجتمعات على المدى القصير والبعيد، فقد ظهر هذا العلم كحاجة ملحة وطارئة اثناء جائحة كورونا، وما سببته من تغيرات عميقة في حياة المجتمعات.

ويعتقد الباحث أن هناك مفاهيم جديدة في علم الاجتماع بحاجة إلى التطوير والدراسة، للتعرف على الأسئلة المرتبطة بعلم اجتماع الجائحة، والمنهجية المناسبة لدراسته.

وقد أغفل الباحث التقسيم الداخلي للمحاور التي تناولها بل جعل كل محور يسير وفق نسق واحد حتى نهايته في معظم المحاور عدا المحور الأخير الذي حظي بالتقسيم إلى عناوين فرعية.

إن عدم التقسيم الداخلي قد أدى بالباحث إلى الخروج عن موضوع أحياناً، ففي الوقت الذي كان يتحدث عن الرؤية النظرية لعلم اجتماع الجائحة ومنهجياته المغايرة يسهب الباحث في أثر جائحة كورونا على الطقوس الدينية والجانب الديني، وتفسير أسباب التغيرات التي حدثت فيها.

يقف الباحث طويلا عند المحور الأول المتمثل في الرؤية النظرية والمنهجية المغايرة، ويرى أن التطوير المنهجي اعتمد بشكل أساسي على تحليل الخطاب المتداول، غير أن هذه المنهجية لا يعنى أنها جديدة بل تعتمد على المزج بين منهجيتين لدراسة علم اجتماع الجائحة والتعرف على الآثار الاجتماعية للجائحة.

وقد ظل يدور حول الموضوع ويعرض أقوال بعض الباحثين حول المجال الذي يبحث فيه هذا العلم، وتقديم التفسيرات لبعض الظواهر التي احدثتها جائحة كورونا، ليصل في نهاية المحور إلى استنتاج مفاده أن أطر علم اجتماع الجائحة تتلاقى مع الأطر السوسيولوجية في علم الاجتماع الطبي، وكأنما نفى المحور بالحاجة إلى أطر ومنهجية جديدة لدراسة هذا العلم.

يرى الباحث أن علم الاجتماع له علاقة بعلم الأوبئة، متطرقاً إلى المقارنة بين علم الاجتماع بصورة عامة وعلم الأوبئة، ثم مقارنة مجالاته بعلم اجتماع الجائحة الذي يرى فيه ضرورة لدراسة تاريخ الأوبئة وآثارها على المجتمع.

اهتم الباحث بتوضيح علاقة علم اجتماع الجائحة والنظام العالمي وكذا علاقته بمفهوم التباعد، والذي عدها دلالة رمزية على ثقافة جغرافية ترسم حدود الفرد مع الآخرين، وقد حاول تفسير هذه الدلالة إلا أن المثال الذي قدمه بأن اليد اليمنى لا تحمل نفس المعنى الذي تحمله اليد اليسرى لم يكن مناسباً لإسقاطه على التباعد المكاني.

في نهاية البحث لم يقدم الباحث خاتمة أو نتائج لبحثه، كما أغفل وضع مقترحات أو توصيات ربما تساهم في تطوير رؤية جديدة لدراسة علم اجتماع الجائحة.

بالنسبة للتوثيق فقد اعتمد الباحث على طريقة التوثيق الأمريكية apa))، وهي طريقة معتمدة في البحوث العلمية، وتعد من الطرق الحديثة في التوثيق والتي تعتمدها الجمعية الأمريكية، كما أن المراجع التي اعتمد عليها جميعها حديثة بكون الدراسة مرتبطة بعلم حديث.

وفي الختام فإن الباحث استخدم لغة علمية سهلة، وصاغ ورقته البحثية بأسلوب مناسب، مراعيا القواعد الإملائية وقواعد الترقيم المعتمدة في البحوث العلمية.

 


 

تعليقات

المشاركات الشائعة

تجارب دولية في التقويم التربوي

مقارنة بين المواثيق الأخلاقية للأخصائيين الاجتماعية الميثاق الاخلاقي الامريكي والميثاق الاخلاقي البحريني

المنهج التاريخي Historical Method

الخدمة الاجتماعية الاكلينيكية (الخطأ المهني - الوقت - اسلوب الحياة - التغيير والمقاومة - التعاقد والإنهاء)

منهج المسح الاجتماعي Social Survey Method:

منهج دراسة الحالة:Case Study Method

المنهج التجريبي Experimental method:

منهج تحليل المضمون Content Analysis

ممارسة العمل الاجتماعي المباشر