مقارنة بين المواثيق الأخلاقية للأخصائيين الاجتماعية الميثاق الاخلاقي الامريكي والميثاق الاخلاقي البحريني


جميله خلف الزهراني

المقدمة:

يحتوي هذا التقرير على قراءة نقدية تحليليه لمحتوي ميثاقين أخلاقيين أحدهما عربي والأخر أجنبي، بحسب التكليف، فالميثاق العربي يتمثل في الميثاق الأخلاقي للأخصائيين الاجتماعيين لمملكة البحرين، أما الميثاق الأجنبي فيتمثل في الميثاق الأخلاقي للجمعية الوطنية الأمريكية للأخصائيين الاجتماعيين.

ويركز هذا التقرير على تقديم مقارنة نقدية لمحتويات الميثاقين توضح الفرق بينهما، بالإضافة إلى تقديم صورة عن أوجه الاتفاق والاختلاف وجوانب القوة والصعف في كلا الميثاقين المذكورين اعلاه.

ومن اهم النتائج التي توصلت اليها الباحثة في هذا التقرير ما يلي:

1-  يتفق الميثاقين في بعض الجوانب ويختلف في البعض الآخر.

2-  يحتوي كلا الميثاقين على نقاط قوة ونقاط ضعف.

3-  أن التزام الأخصائي الاجتماعي بما رود في الميثاقين هو التزام ذاتي شخصي.

4-  ركز كلا الميثاقين بما ينبغي على الأخصائي الاجتماعي الالتزام به، ولم يهتم كلا الميثاقين بما هو للأخصائي الاجتماعي من حقوق أخلاقية. 

الملخص

أحتوى الميثاق الأخلاقي لممارسي المهن الاجتماعية في مملكة البحرين على مقدمة تمهيدية توضح المراجع التي استند عليها لصياغة محتوياته، والتحركات والإجراءات المتخذة قبل وبعد اعتماد الميثاق، كما احتوى على الصفة الاعتبارية والقانونية للميثاق ثم تناول بشكل مختصر السلوك الشخصي لممارس المهنة الاجتماعية، بالإضافة إلى ذلك تناول المسؤولية الأخلاقية للأخصائيين الاجتماعيين تجاه المنتفعين بالخدمة الاجتماعية، وتجاه زملاء المهنة، وتجاه المؤسسات، وتجاه المهنة والسياسات الاجتماعية، وتجاه المجتمع وفي الأخير المسؤولية الأخلاقية في إطار البحث العلمي.

بينما اشتمل الميثاق الأخلاقي للجمعية الوطنية الأمريكية للأخصائيين الاجتماعيين أربعة أقسام : القسم الأول "الديباجة"، وتلخص القيم المهمة والأساسية لمهنة الخدمة الاجتماعية، القسم الثاني: الغرض من القانون الأخلاقي للجمعية ( NASW ): حيث قدمت عرض عام عن المهام الاساسية للميثاق، ودليل مختصر للعمل مع القضايا الأخلاقية أو المشاكل التي تعترض ممارسة العمل المهني، ويعرض القسم الثالث: "المبادئ الأخلاقية" وهي مجموعة مبادئ أخلاقية واسعة، استنادا إلى القيم الأساسية للخدمة الاجتماعية والتي توجه ممارسة الخدمة الاجتماعية، ويتضمن القسم الأخير: المعايير الأخلاقية وهي مجموعة من المعايير الأخلاقية المحددة لتوجيه سلوك الأخصائيين الاجتماعيين وتوفير أساس للفصل في القضايا ذات الصلة.

 أوجه الاتفاق:

1-     يتشابه الميثاق الأخلاقي البحريني مع الميثاق الأخلاقي الأمريكي في وضع المقدمة / الديباجة للميثاق.

2-     تشابه الميثاقين في توضيح الصفة الاعتبارية والقانونية للميثاق الأخلاقي، على اعتبار أن ما يرد في الميثاق غير ملزم وإنما يمثل إطار مرجعي يقدم مبادئ وقيم ومعايير يمكن الرجوع اليها عند الحاجة.

3-     تشابه الميثاقين في عرض وتحديد مسئوليات الأخصائيين الاجتماعيين.

4-     تشابه الميثاقين في تحديد الجهة التي اعتمدت الميثاق وتاريخ اعتماده.

5-     أوجه الاختلاف:

1-              يختلف الميثاقين في مضمون المقدمة/ الديباجة حيث استعرضت المقدمة في الميثاق الأخلاقي البحريني جوانب هامشية ليس لها علاقة بأخلاقيات الأخصائيين الاجتماعيين تحديداً، بينما احتوى الميثاق الأخلاقي للجمعية الوطنية الأمريكية للأخصائيين الاجتماعيين على ديباجة افتتاحية ربطت عنوان الميثاق بأجزائه.

2-              اختلف الميثاقين في تناول مقومات وأسس أخلاقيات الأخصائيين الاجتماعيين حيث اهتم الميثاق الأمريكي بالقيم والمبادئ والمعايير والمسئوليات الأخلاقية بينما اقتصر الميثاق البحريني على عرض موجز للمسئوليات الأخلاقية.

3-              الميثاق الأخلاقي البحريني مختصر، بينما الميثاق الأمريكي تناول أخلاقيات الأخصائيين الاجتماعين بشكل أكثر تفصيلاً.

النقد والتحليل:

تم اعتماد الميثاق الأخلاقي لممارسي المهن الاجتماعية في مملكة البحرين في العام 2008، من قبل جمعية الاجتماعيين البحرينية، وكما يتضح من خلال التحركات والإجراءات لاعتماد هذا الميثاق أنه يحظى بتأييد شبة رسمي من خلال مشاركة وزارة التنمية الاجتماعية البحرينية في مجريات الصياغة والتنظيم لمؤتمرات مناقشة بنودة، كما أشار أحد بنود الميثاق وجوب مراجعته كل عشر سنوات لمواكبة المستجدات والتطورات في المهن الاجتماعية، وقد أكد هذا الميثاق على أن مصلحة العميل لها الأولوية ضمن مسئوليات الأخصائي الاجتماعي، إلى جانب مسؤوليات الأخصائي الاجتماعي تجاه الأطراف المنتفعين من الخدمة الاجتماعية، بحيث يمثل الميثاق دليلاً للسلوك الأخلاقي لممارسة المهن الاجتماعية بمختلف ميادينها، ووثيقة مساندة في تكييف القضايا ذات العلاقة بالعمل الاجتماعي، وإطاراً ديناميكياً متطورا وفق ما يراه ويرتضيه ممارسو المهن الاجتماعية، وبالتالي نستشف من ذلك ان المسؤوليات الأخلاقية التي يتضمنها هذا الميثاق لا تحمل صفة الزامية وإنما طوعية ذاتية.

ومن نقاط القوة في الميثاق البحريني، انه أستند في صياغته على عدد من المواثيق الأخلاقية الدولية منها لميثاق الأمريكي للأخصائيين الاجتماعيين، والوثيقة الدولية للقواعد الأخلاقية للأخصائي الاجتماعي المحترف وأخذ منها ما يتناسب والبيئة البحرينية، بالإضافة إلى انه يحظى بدعم رسمي، وتم مراجعته من قبل شريحة واسعة من الأخصائيين الاجتماعيين العاملين في البحرين، فهناك من يرى ان المواثيق يجب ان يسبق إصدارها دراسات علمية للقيم المجتمعية والثوابت التي يقوم عليها المجتمع (عبدالحميد، 2019، ص225).

بينما تمثلت نقاط الضعف في الميثاق الأخلاقي البحريني في ان الميثاق البحريني ركز في المقام الأول على إظهار المسؤوليات الأخلاقية واغفل عرض القيم والمبادئ الأخلاقية التي يجب ان تستند عليها تلك المسؤوليات، كما أغفل القواعد والأحكام التي يمكن ان تدفع عن الأخصائي الاجتماعي في حال تعرضه للابتزاز او التهجم من المستفيدين من خدماته، وكذا الجوانب التحفيزية والتشجيعية، التي يمكن ان يحصل عليها الأخصائي الاجتماعي الملتزم بالقيم والمبادي الأخلاقية والمعايير والمسؤوليات الملقاة على عاتقه.

كما أغفل الميثاق البحريني الرؤية الأكاديمية في صياغة الميثاق الأخلاقي فهناك من يرى أنه من الضروري ان يكون للأكاديميين دور في صياغة المبادئ الأخلاقية للممارسة مهنة ما (عبدالحميد، 2019، ص225).

أما فيما يتعلق بالميثاق الأخلاقي للجمعية الوطنية الأمريكية للأخصائيين الاجتماعيين فإنه بحسب أبو النصر (2017) يعتبر أول ميثاق أخلاقي صدر في مهنة الخدمة الاجتماعية على مستوى العالم، وهذه الميثاق تم إصدارة في العام 1960 بواسطة الجمعية القومية للأخصائيين الاجتماعيين بالولايات المتحدة (NASW) وهو عبارة عن مدونة لقواعد السلوك خاصة بالممارسين المهنيين للخدمة الاجتماعية (الأخصائيين الاجتماعيين)، وفيما بعد تم تنقيحه اكثر من مرة من قبل الجمعية (NASW) والنسخة الأخيرة السارية في الوقت الحاضر هي الصادرة في العام 2008م، هذا ويهدف ميثاق الجمعية الأخلاقي (NASW) ليكون بمثابة دليل لقواعد السلوك المهني اليومي من الأخصائيين الاجتماعيين، يسترشدون به في عملهم المهني اليومي، وبالتالي وجدت الباحثة ان هذا الميثاق يؤكد على التزام الأخصائي الاجتماعي بالقيم والمبادئ والمعايير الأخلاقية التزاماً ذاتياً فردياً، وقد ركز هذا الميثاق على وتركز على أن مصلحة العميل وحق تقرير مصيره لها الأولوية ضمن مسئوليات الأخصائي الاجتماعي

وتتمثل نقاط القوة في الميثاق الأخلاقي الأمريكي في الشمول والتكيف والمنهجية والتمحور حول توجيه الأخصائيين الاجتماعيين للالتزام بالقيم والمبادئ الأخلاقية والمعايير والمسئوليات التي تندرج على جميع العلاقات الإنسانية بدأً من العلاقات الشخصية والعائلية مروراً بتلك الاجتماعية والمجتمعية والمهنية، بالإضافة إلى انه يمثل انعكاس القيم والمعايير الغربية عامة والأمريكية خاصة على بنود الميثاق نصا وروحاً.

فيما تتمثل نقاط الضعف في الميثاق الأمريكي في أنه لا يوفر مجموعة الأحكام التي تفرض على الأخصائيين الاجتماعيين كيف يمكن ان يتصرفوا في جميع الحالات، كما انه لم يوضح الجوانب العقابية التي يمكن فرضها في حال أخل الأخصائي الاجتماعي بمسئولياته الأخلاقية، كما أغفل الميثاق الأمريكي جوانب الدفاع عن الأخصائيين الاجتماعيين ضد الابتزاز وكذلك أغفل الجوانب التحفيزية والتشجيعية التي يمكن ان يحصل عليها الأخصائي الاجتماعي الملتزم بالقيم والمبادي الأخلاقية والمعايير والمسؤوليات الملقاة على عاتقه.

وبالتالي ترى الباحثة أنه ينبغي ان يتضمن الميثاقين الأخلاقيين الأمريكي والبحريني على أحكام وقواعد ملزمة ولو لبعض الحالات، وكذلك قواعد وأحكام تدفع عن الأخصائي الاجتماعية الابتزاز والتعسف بالإضافة إلى معايير تحفزيه وتشجيعية مقابل الالتزام الأخلاقي بما ورد في الميثاق، وقد استندت الباحثة في رايها هذا إلى ان هناك من يرى أن الميثاق الذي يدافع عن معايير مثالية لسلوك المهنيين الممارسين ولا يربط هذه المعايير بما يقوم به هؤلاء المهنيين بالفعل، فإنه يُعد أبعد ما يكون عن الممارسة الفعلية للمهنيين، وبالتالي يصعب ان يؤثر على عملهم (عبدالحميد، 2019، ص225).

الخاتمة:

باختصار يمكن القول أن الوعي الأخلاقي أمر أساسي للممارسة المهنية للأخصائيين الاجتماعيين، وتعد قدرتهم والتزامهم على التصرف بشكل أخلاقي جانباّ أساسياً من جوانب الجودة في الخدمة المقدمة لأولئك الذين يتعاملون مع الأخصائيين الاجتماعيين، كما يعتبر احترام حقوق الإنسان والالتزام بتعزيز العدالة الاجتماعية في صميم ممارسة العمل الاجتماعي في جميع أنحاء العالم، وبناء عليه فلا بد للمواثيق الأخلاقية المنهية بشكل عام والميثاق الأخلاقي للأخصائيين الاجتماعيين على وجه الخصوص، ومن خلال هذا التقرير فإن الباحثة ترى أن الميثاق الأخلاقي الأمريكي كان أوسع في تناوله للقضايا الأخلاقية المهنية من الميثاق البحريني الذي اكتفى باستعراض المسئوليات التي ينبغي على الأخصائي الاجتماعي الالتزام. 

وفي الختام توصي الباحثة بإعادة النظر في المواثيق الأخلاقية للأخصائيين الاجتماعين على المستوى الدولي، بما يلبي طموحات المهنة والممارسين، والعملاء على حدٍ سواء، أما فيما بتعلق بالمستوى المحلي فيجب الإسراع في اعتماد ميثاق أخلاقي للأخصائيين الاجتماعيين السعوديين بما يعزز المكانة التي وصلت اليها مهنة الخدمة الاجتماعية في المملكة.

كما توصي الباحثة بانه عند صياغة ميثاق أخلاقي للأخصائيين الاجتماعين يتوجب على القائمين بذلك ان يضعوا في الاعتبار القيم الدينية والمجتمعية والمبادئ الأخلاقية ذات العلاقة بالثقافة المحلية، وإعطاءها القدر الكافي من العرض ضمن الميثاق الأخلاقي.

المراجع:

عبد الحميد، عمرو محمد، (2019)، العداء لوسائل الإعلامالتحديات المهنية واستعادة ثقة الجمهور، العربي للنشر والتوزيع، القاهرة، مصر.

جمعية الاجتماعيين البحرينية (2013). الميثاق الأخلاقي لممارسي المهن الاجتماعية في مملكة البحرين. المنامة، البحرين.

الدامغ، سامي بن عبد العزيز، (1996). تصميمات النسق المفرد، مجلة العلوم الاجتماعية، جامعة الكويت - مجلس النشر العلمي. 24(1): 243-270.

الجمعية الوطنية الأمريكية للأخصائيين الاجتماعيين (1999). الميثاق الأخلاقي للجمعية الوطنية للأخصائيين الاجتماعيين.


تعليقات

المشاركات الشائعة

تجارب دولية في التقويم التربوي

المنهج التاريخي Historical Method

الخدمة الاجتماعية الاكلينيكية (الخطأ المهني - الوقت - اسلوب الحياة - التغيير والمقاومة - التعاقد والإنهاء)

منهج المسح الاجتماعي Social Survey Method:

منهج دراسة الحالة:Case Study Method

المنهج التجريبي Experimental method:

منهج تحليل المضمون Content Analysis

ممارسة العمل الاجتماعي المباشر